التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كرائد أعمال، كيف تتعامل مع المبرمجين المهووسين و مزاجهم المتقلب ؟!


لنراجع معاً أحد السيناريوهات الشائعة التي نشاهدها في الأفلام البوليسية كثيراً.عادةً ما يتكررمشهد قيام عصابة إلكترونية بالسطو على منظومة إطلاق صواريخ لمنشأة عسكرية و التهديد لتدمير مدينة بساكنيها إذا لم تلبي الحكومة مطالبهم.فيتحرك أحد العملاء السريين(بطل الفلم) للبحث عن من يساعده لإفشال مخطط العصابة. فيتوجه مباشرة إلى أحد الأحياء القديمة،فيطرق باب أحد المنازل لتطل منه سيدة عجوز بدينة، فيطلب منها مقابلة إبنها للضرورة القصوى، فتقوده بدورها إلى غرفة الشاب، تلك الغرفة المظلمة الغير مرتبة المليئة بالأغراض المبعثرة و الأجهزة الإلكترونية القديمة المترامية على جوانب الغرفة.
في إحدى زوايا تلك الغرفة يجلس ذلك الشاب أشعث الشعر صاحب اللحية الغير مشذبة ذو النظارات الدائرية المهووس بلإستماع لموسيقى الميتال و الروكو صوت طقطقة أزرار لوحة المفاتيح متأملاً عالمه الخاص المتمثل بمجموعة من الأسطر الغريبة التي تدفق هبوطاً مثل شلال من خلال شاشة الكمبيوتر. فبعد شد و جذب بينهما و محاولات في الإقناع و تقديم الإغراءات يوافق صديقنا الشاب للقيام بالمهمة فيخرجان من الباب تاركين ورائهما كعك الزنجيل و الشاي الذان أعدتهما تلك السيدة العجوز.
أعتقد بأنك كونت فكرة حول ذلك الشاب و عرفت من هو. نعم صحيح، إنه أحد المهووسين بالبرمجيات أو كما نطلق عليه في العالم البرمجي “Geek” وعادةً هم أشخاص يتسمون بالعبقرية. إنه أحد أولئك الذين يشتكي منهم الكثير من رواد الأعمال و أصحاب المشاريع خصوصاً الناشئة منها لغرابة أطوارهم و مزاجيتهم في إنجاز مهامهم وعدم إحترامهم للوقت و الأكثر من ذلك مواعيد نومهم الغير إعتيادية!  لكن هل هم فعلاً بذلك السوء أم أن هناك سبباً لذلك؟ أم أن رواد الأعمال هم من لا يحسنون التعامل معهم؟
في السيناريو السابق تخيل كم هي الإمتيازات و الأموال التي سيحصل عليها المهووس البرمجي إذا إستطاع مستخدماً مهاراته إيقاف مخطط تلك العصابة. لكن هل تتوقع أن تحول مزاجية المبرمج دون نجاح العملية و تدمير المدينة بأكملها؟! شخصياًأتوقع حدوث ذلك.
المهووسون يحتاجون المال لكن لا يقايضونه مقابل راحتهم و كبريائهم بسبب مزاجهم المتقلب، فتوقع أن يقوموا بترك المشروع قبل كتابة أخر سطر برمجي و التضحية بمستحقاتهم التي قد تصل إلى آلاف الدولارات من دون التحسر و لو للحظة. لكن ما هي الأسباب التي قد تدفعهم لمثل هذا العمل الغير مسؤول و الذي قد يدمر مشروع بأكمله. فلنستعرض معاً بعضاً من هذه الأسباب من تجربتي الشخصية كمبرمج و رائد أعمال ناشئ.

يعمل ما يحب و يبدع في ما يحب


هناك مقولة شهيرة تقول “حب ما تعمل، حتى تعمل ما تحب”، هذه المقولة دفعت الكثيرين للإستمرار و التحمل لتحقيق مرادهم و تحقيق حلمهم بالعمل فيما يحبون. لكن دعني أخبرك شيئاً، هذه المقولة لا تنطبق على أولئك المهووسين،بل سيرمون بها عرض الحائط! حتى إذا استطعت أقناعه بالإنظمام في البداية فإنه سيترك العمل في منتصف الطريق لأنه سيشعر بالملل و يريد العودة للخوض في هوسه القديم.
فقم بإختيار المبرمج بحسب نوع و حجم مشروعك، فلا تقم بإقناع أحد المحترفين في برمجة حلول الذكاء الإصطناعي لإعداد نظام محاسبي لشركتك المتواضعة فصدقني فإنه لن يستمر معك حتى لو أعطيته الكثير. فقط إبحثعن من يعشق مجال مشروعك و ليكن مستوى خبرته مقارباً لمستوى متطلبات المشروع حتى لو كان مبتدئاً.

“يا رجل لن تأخذ منك 5 دقائق!!!”

أثناء عملي في إحدى الشركات البرمجية و قبل إنتهاء الدوام الرسمي بوقت قصير جاء رئيس القسم إلي طالباً مني تعديل أحد البرامج فقلت له “أوكي، غداً صباحاً سأقوم بالتعديل …” فأنتفض قائلاً “المدير يريد التعديل أن يتم حالاً لأنه وعد شركة العميلبذلك؟ يا رجل لن تأخذ منك 5 دقائق!!!”. طبعاً أعتذرت و قلت “أنا أسف حقاً، فتعديل مدة إنجازه خمس دقائق سيأخذ مني ساعة كاملة لمعاينة النظام بالكامل قبل القيام به خصوصاً “، و في اليوم التالي حدث ما لا تحمد عقباه !
فلا يجب أن ينظر رائد الأعمال أو صاحب المشروع للأمور البرمجية بمنظوره بل فليترك الخبز لخبازة و يجب أن لا ينسى بأنه هو من إختارهذا الشخص و وثق به من البداية.

دعهم لهوسهم و ركز على عقولهم

السهر لعدة أيام متواصلة و النوم لأيام أيضاً، إدمان المنبهات، الإستماع للموسيقى بصوت عالي، إدمان ألعاب الفيديو، عدم الإهتمام بالمنظر الخارجي، و التحدث بلغة غير مفهومة أحياناً!!! هذه بعض الأشياء الغريبة التي لحظتها في بعض المهووسين الذين أعرفهم بمختلف أعمارهم.

بعض هذه التصرفات تزعج بعض أصحاب المشاريع بشدة بسبب شعورهم أن مثل هذه التصرفات تؤثر على سمعة الشركة خصوصاً إذا تم ممارسة بعضها داخل الشركة. ممارسة المهووسين لمثل هذه التصرفات هو بمثابة أخذ إستراحة، فهل تتخيل أن يستمر أحد موظفيك في العمل إذا حرم من الإستراحة؟! فقط إتركهم لهوسهم و ليكن العمل و الإلتزام بالجدول الزمني لإنجاز المشروع هو معيار التقييم لهم، و يفضل أن تخصص لهم مكاناً خاصاً في الشركة بعيداً عن بقية الأقسام حتى لا يصبحوا مصدر إزعاج للآخرين.

إيجادهم عندإختفائهم!

أحد أهم القضايا الشائكة بين المبرمج و رائد الأعمال هي الإختفاءالمفاجيء للمبرمج لأيام. أغلب الظن أنه نائم!! فمعظم المبرمجين هم بوم، يعشقون الليل، أو ربما يكونون في مزاج سيء و يحتاجون لبعض الوحدة.
بصراحة لا أحسد رائد الأعمال على موقفه في تلك اللحظة لأنه المسؤول الأول أمام العملاء و سيل شكاويهم، فيبدأ رائد الأعمال بإجراء عدد لا نهائي من الإتصالات للمبرمج بالإضافة لرسائل التوبيخ و التهديد بالطرد. فإذا كان المبرمج في مزاج سيء فعلاً فإنه لن يجيب و لن يأبه لأي تهديد فببساطة المبرمجين عندهم إعتزاز بأنفسهم و بذكائهم فمن هذا الغبي الذي يجرؤ على إزعاجهم و توعدهم. فنصيحتي لكل من عانى نفس هذه المعضلة هي الإبتعاد عن إجراء العديد من الإتصالات،فبعد فشل أول و ثاني إتصال قم الإستعانة بهذا الحل البسيط و هو الرسالة القصيرة SMS أو رسالة على الواتس أب أو فيسبوك و لتجعلها مرحة قليلاً و لقد جربت هذه الإستراتيجية شخصياً و نجحت فعلاً، صدقني سيعاود الإتصال بك بنفسه.

هل صوته مسموع؟

أحد أصدقائي المهووسين بالبرمجيات أخبرني في يوم ما بأنه يعاني من إدارة شركته بسبب إتخاذهملبعض القرارات و توقيع العقود مع العملاء قبل التأكد من الجدوى الفنية للمشروع و هل الموارد البرمجية و التقنية الحالية متناسبة مع طبيعة المشاريع الجديدة فأحياناً تكون متطلبات العميل غير قابلة للتنفيذ لأنها غير منطقية أصلاً و مستحيلة التنفيذ.
و المشكلة الثانية التي سردها لي هي تساهلهم مع المشاكل التقنية لأنهم ببساطة لا يفهمونها فمثلاً عن إمتلاء الأقراص قد تتوقف البرامج عن العمل فعندما رفع لطلب أقراص جديدة كان رد الإدارة “لماذا ؟؟ ألن نشتري مثل هذه الأقراص منذ 6 أشهر فقط!!”.. هل عرفت أين المشكلة عزيزي القارئ؟ المشكلة تكمن في أن بعض رواد الأعمال و أصحاب المشاريع يعتبرون أنفسهم الأعلم بكل شيء و يعرفون مصلحة الشركة أكثر من غيرهم حتى في الأمور التي ليس لهم علاقة بها. فإذا لم يكن صوت المبرمج أو التقني في هذه الحالة مسموعاً و لم يكن جزءً من القرار فلا أتوقع إستمراره لأن هناك عوائق تحول بينه و بين الكمال الذي يتصوره.
هناك أيضاً العديد من الأسباب التي قد تدفع المبرمجين لترك المشاريع التي بين أيديهم ليتسبب ذلك في إنهيار أو تأخير إنجاز المشاريع خصوصاً المشاريع الناشئة.. إذا كنت رائد الأعمال، فهل حصل و ناقشت إحدى هذه المشاكل مع المبرمجين في مشروعك أو بحثت عن حلول لها. و إذا كنت مبرمجاً، فهل قمت يوماً بمناقشة إحدى هذه القضايا مع مديرك قبل التسرع في إتخاذقرارك و السماح لمزاجك ليكون صاحب الكلمة العليا..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لهذه الأسباب ينبغي عليك أن تشارك معرفتك مع الآخرين

يقول الأديب والمفكر العالمي ليو تولستوى : “لا علاقة بالنجاح بما تكسبه في الحياة أوتنجزه لنفسك ،النجاح هو ماتفعله للآخرين”. قد يكون الكثير منّا يطبق هذا المصطلح لكن دون وعي مثل أشياء كثيرة نفعلها ولا ندري ما هو تعريفها، وعندما تتعرف أكثر على الشيء الذي تفعلهتجد متعة وشغف أكثر مما سبقعندما تفعله مرة أخرى. هذا ما سيحدث لك أيها القارئ الفاضل بعد قراءة هذا المقال. حاول علماء عدّة أن يضعوا تعريفًا واضحًا لمشاركة المعرفة، ولكن لم يكن لعملية مشاركة المعرفة مفهومًا واحدًا فيما بينهم. فقد رأى كل من(Ryu, Ho, and Han) عام 2003أن مشاركة المعرفة هي “سلوك الفرد نحو نشر المعرفة المكتسبة داخل المنظمة”.

6 سمات تجدها في شخصية المبرمج

عندما تجد أحدهم يسير في الطريق و أصابعه تتحرك بتلقائية فهو ليس بالضرورة أن يكون عازف “بيانو” – و ليس بالطبع نشال – .. فإعلم انك من الممكن ان تكون امام ممتهن مهنة العصر…انه المبرمج .. أتذكر عند أوراقي لجهة و عند سؤال المسؤول عن مهنتي .. أجبت بكل فخر: “مبرمج”.. وجدته أنفجر ضاحكا .. التفت حولي لأجد الجميع يضحكون أيضا ! .. ثم قال لي  ضاحكا: “يعني بتعمل ايه؟” ! تلك الشخصية الجديدة في مجتمعنا لها خصائصها الفريدة التي تم اكتسابها بحكم عمله اليومي.. سأحاول هنا سرد بعض تلك الخصائص….

لأصحاب القلوب الحديدية: الرياضات العشر الأخطر في العالم !

الدماغ البشري لا يتوقف عن الإختراع في جميع النواحي ومجال أخطر الرياضات في العالم بات هوس الكثيرين والكثيرين جداً، فهناك الكثير من الرياضات الخطرة التي لا يمارسها إلا أصحاب القلوب الحديدية، ويتم تحديث هذه الرياضات عاماً بعد الآخر وإستبعاد الأقل خطراً من قائمة الإثارة لمحبي المغامرة القصوى. لا أقصد بكلامي هذا ركوب الأمواج أو ركوب الخيل أو التزلج على الجليد.، وإنما أريد أن أشير في هذا المقال إلى أكثر وأحدث عشرة رياضات خطراً وحبساً للأنفاس، تلك التي تجعل من الأدرينالين يتدفق بقوة ضمن أوعيتك الدموية وتجعل قلبك يخفق بشدة لدرجة التوقف أحياناً.