الإبداع عصى عن التعريف بشكل ما، أشبه بمحاولة الإمساك بالماء فينسل من بين أصابعك دوما وأبدا. الأبداع يسكن هناك فى المناطق المفرغة، فى بنية التفكير المنطقى الذى يقضى بان 1+1= 2. بينما الإبداع يقول: ان الكل أكبر من مجموع أجزاءه. لذا كان الإبداع -فى رأى- أشبه بالريح، لا ترى ولكنها تعرف بأثارها. فدعنا نرى ما هى سمات تفكير المبدعين، لنتعلم منها..
1- الصورة الكاملة
بينما يقف معظم الناس بتفكيرهم، عند الحوادث الصغار التى لا أهمية لها يركز المبدعين تفكيرهم على الصورة الكاملة. ويمكن تمثيل الشخص العادى هنا بعامل “فنى اضاءة” أثناء تصوير أحد مشاهد فيلم، ويمكننا ان نستبدل المبدع بمخرج العمل الفنى. هل ترى مقدار الهوة والإتساع والشمول فى الرؤية؟، نفس الفارق بين الجندى والقائد فى المعركة. بينما يركز معظم الناس على ما بأيديهم، فان المبدعين يركزون على نجاح كل العمليات والجزئيات الأخرى لتكوين لوحة “فسيفساء” متقنة الصنع.
2- مشاعرهم جياشة
الأشخاص المبدعين جياشى العواطف بشكل كبير، ومتقلبى المزاج بشكل أكبر. يتميز المبدع بقدرته الخلاقة والفريدة على تحويل المشاعر والخبرات السلبية الى “مادة”، وصهرها فى شكل عمل ابداعى. وليس سرا ان الكثير من الكتاب المرموقين أعترفوا بان الكتابة تمنحهم وسيلة للتطهر!.
بعض الدراسات ربطت ما بين غرابة الأطوار والإبداع، وما بينه وبين الأمراض العقلية. الا ان هذه الدراسات لا تحظى بمؤيدين، ولا يوجد ما ينفيها حتى الان وبالتالى ما يؤكدها..
3- يتصفون بالمرونة
المبدع شخص يعرف ويدرك ان العالم ليس هو الخريطة، بمعنى ان الأمور لا تسير وفقا للخطة الموضوعة دوما لذا يجب الإرتجال والخروج عن النص. الشخص العادى لن يتعب فكره اذ هو ملتزم بوسيلة لا يجيد غيرها ولا يعرف سواها، بينما المبدع لا يقيد نفسه بالوسائل مادامت عيناه على الهدف النهائى. فالمرونة صفة لازمة لهم، المبدع شخص اذا وجد باب الدخول مغلقا، دخل من باب الخروج.
4- يسكنهم الشغف
المبدع شخص شغوف جدا بما يفعله، مهما كانت المهمة التى يعالجها تجد ابداعه يظهر عليها. سواء كان فلاح، طبيب، عامل أو ضيف. يحب المبدعون دوما ان يتركوا بصمتهم الخاصة على كل عمل قاموا به، مثل تذييل اللوحة بتوقيع الفنان. لا توجد لديهم مهام اعتيادية، فكل مرة يقومون فيها بالعمل تنفتح لهم أفاق رحبة للإبداع بشكل مختلف.
5- يكذبون كثيرا
هذه هى الحقيقة للأسف، يكذبون كثيرا وبسهولة شديدة. ولكن بينما يكذب أغلب الناس لإخفاء الحقيقة، فان المبدع يكذب ليظهرها؟!. فهو يقدمها لك فى شكل جديد غير اعتيادى، يجعلك تعيد التفكير فى قناعاتك بشكل عفوى.
هناك ألاف الأفلام عن عصابات المافيا، لكن يقال ان “جرعة” الإبداع العالية للمخرج “فرانسيس فورد كوبولا” جعلت من “الأب الروحى” حالة شديدة الخصوصية. لدرجة ان أفراد العصابة الحقيقيين بدأ يتصرفوا ويتكلموا مثل الممثلين فى الفيلم، ويقال انهم أرسلوا برقية تهنئة للمخرج. وهو ما يمكن اعتباره “أوسكار” من نوع خاص للغاية، فمن أنت ليرضى عليك “الدون”؟!..
6- متمردين
المبدع ثائر ومتمرد طوال الوقت، الإستقرار الوحيد الذى يجيده هو التغيير مرة تلو الأخرى. انهم يحلقون دوما خارج السرب، ويخرجون عن نطاق المألوف، انهم من ابدع “سفن الفضاء” و”الإنترنت” و “مختبر سيرن“. المبدعين أشخاص غير قابلين للترويض بآى شكل من الأشكال، هوائهم حريتهم كى يبدعوا. لا شئ يثيرهم ويحفزهم قدر الخروج على القواعد، وصنع قواعد أخرى جديدة.
7- يبحثوا عن اجابات
بقدر ما يميل الشخص العادى الى الإجابات المحفوظة والمعلبة، الجاهزة التى لا تتعبه وتضطره للتفكير. بقدر ما لا يرضى بهذا المبدع، انهم فضوليين بطبعهم ولا يقبلون بشئ على علاته. لذا يسأل ويسأل ليحصل على اجابات ترضى فضوله، يتأمل الموضوع من زوايا عدة ليرى ما فات الآخرين رؤيته..
تعليقات
إرسال تعليق