يقول الأديب والمفكر العالمي ليو تولستوى :
“لا علاقة بالنجاح بما تكسبه في الحياة أوتنجزه لنفسك ،النجاح هو ماتفعله للآخرين”.
قد يكون الكثير منّا يطبق هذا المصطلح لكن دون وعي مثل أشياء كثيرة نفعلها ولا ندري ما هو تعريفها، وعندما تتعرف أكثر على الشيء الذي تفعلهتجد متعة وشغف أكثر مما سبقعندما تفعله مرة أخرى. هذا ما سيحدث لك أيها القارئ الفاضل بعد قراءة هذا المقال.
حاول علماء عدّة أن يضعوا تعريفًا واضحًا لمشاركة المعرفة، ولكن لم يكن لعملية مشاركة المعرفة مفهومًا واحدًا فيما بينهم. فقد رأى كل من(Ryu, Ho, and Han) عام 2003أن مشاركة المعرفة هي “سلوك الفرد نحو نشر المعرفة المكتسبة داخل المنظمة”.
كما يرى كل من (Levitt and March, 1988) أن مشاركة المعرفة يمكنتعريفها وفقًا لوجهات النظر والحالات والاحتياجات والظروف ويمكن أن نعرف مشاركة المعرفة بأنها عملية تهدف إلى الحصول على خبرة الآخرين لذلك يمكن أن نستخدم أيضًااسم “نقل المعرفة”.
بينما يرى سولانسكي وآخرون أن هناك اختلاف بين مشاركة المعرفة وتبادل المعرفة ونقل المعرفة.
فنقل المعرفة لا يهتم فقط بتقاسم المعرفة من قبل مصدر المعرفة والاستحواذ على المعرفة واستخدامها من قبل مستقبل المعرفة ولكن أيضًا اكتساب وتطبيق المعرفة من قبل المستلم..
ولكن ما السبب في عدم وجود تعريف محدد لمشاركة المعرفة؟
فقد أرجع كل من (Ho, Hsu, and Oh, 2009) هو أن السبب في ذلك أن عملية مشاركة المعرفة تتكون من عدة عناصر وهي:
1- نوع المعرفة التي نريد مشاركتها.
2- طريقة المشاركة سواء وجه لوجه، مؤتمر، محاضرة، إلخ.
3- مستوى المشاركة أفراد أو فرق عمل أو منظمات.
ويمكننا تعريف عملية مشاركة المعرفة أنها تعني تبادل المهارات و المعارف و التجارب و الخبرات بين الناس -أصدقاء أو أُسر – كما إنها تكون بين المجتمعات أيضًا.
ما الفارق بين أشكال المعرفة وأشكال مشاركة المعرفة ؟
ثمة فارق بين كليهما، فأشكال المعرفة هي بمثابة أنواع المعرفة ذاتها بعيدًا عن عملية المشاركة المعرفية، وهي شكلين كما يرى نوناكو وتاكوشي.
1- المعرفة الضمنية
وهي تلك المعرفة العميقة التي تأصلت على مستوى اللاوعي في داخل عقل فردٍ ما وبالتالي ليس من السهل نقلها أو تحويلها للآخرين، وقد يغفل الفرد عن وجودها أو عن قيمتها، مثل المهارات اللازمة لكيفية إنجاز شخص ما لوظيفته.
2- المعرفة الصريحة
وهي تلك المعرفة التي يدركها الفرد جيدًا بطريقة تمكنه من توصيلها للآخرين ويمكن بسهولة نقلها من شخص يتقنها إلى شخص آخر عن طريق الرسائل المكتوبة أو الشفهية. والمعرفة الصريحة يمكن العثور عليها في كتاب أو دليل تشغيل أو المستندات المكتوبة والبرامج والإجراءات التشغيلية، والمكتبات وقواعد البيانات والنظم.
أمّا عن أشكال مشاركة المعرفة ذاتها فلدينا شكلين لمشاركة المعرفة داخل المنظمات:
الشكل المقصود
ويعني أن تتم عملية مشاركة المعرفة قصديًا داخل المنظمة من خلال الاتصالات الفردية المبرمجة بين الأفراد، أو من خلال الأساليب المكتوبة مثل: المذكرات، والتقارير، والنشرات الدورية، ومختلف أنواع المطبوعات الداخلية بالإضافة إلى ذلك فإنه يتم مشاركة المعرفة قصديًا من خلال استخدام الفيديو والأشرطة الصوتية وعقد المؤتمرات والندوات، وبرامج الإرشاد وبرامج التدريب وإجراء التنقلات وتدوير الأعمال بين الأعضاء.
الشكل غير المقصود
ويعني مشاركة المعرفة بشكل غير مقصود داخل المنظمة من خلال الشبكات غير الرسمية والقصص والأساطير وما يشبه ذلك.
أسباب تجعلنا نشارك معارفنا مع الآخرين
1- تساعدك في تنمية ما تعرف من معلومات، حيث أنه لا شيء يساعدك في التعمّق في المعرفة و الإستزادة بشكل فعّال كمشاركتها مع غيرك.
2- تُوسّع من معرفتك.
3- يُمهّدك لِأن تكون قائدًا. إن كنت تريد أن تكون قائدًا في مجالك، عليك الوقوف و لفت الإنتباه لما يمكنك تقديمه. و لكن بدلًا من أن تُخبر الناس بأنك خبير، اجعلهم يشعرون ذلك منك بطريقةٍ ما .
4- يزيد من قيمتك المهنية. عندما تكون خبراتك مصدر لمساعدة فريق كامل، ذلك يُعلي من قيمتك في ذاك الفريق.
المعايير التي يجب مراعتها عن مشاركة المعرفة مع غيرنا
1- التعبير: يمكنك وصف المعلومات حتى يسهل على المتلقي فهمك.
2- التوعية: يجب أن يكون المتلقي على علم بأن المعرفة متاحة.
3- الوصول: يمكن لمتلقي المعرفة الوصول إليك متى إحتاج إلى ذلك.
4- التوجيه: يجب أن تعرف مجموعة المعارف وتبينها في مواضيع أو مجالات مختلفة وذلك لتجنب الكم الهائل من المعلومات وتسهيل الوصول إلى المواد المناسبة. وغالبًا ما يعتبر مديري المعرفة هم الشخصيات الرئيسية في إنشاء نظام فعال لمشاركة المعرفة.
5- الإكتمال: يُدار أسلوب مشاركة المعرفة بشمولية في شكل المعرفة الذاتية المنشورة.
ما الذي يعوقنا أثناء عملية مشاركة المعرفة
1- المحافظة على المكاسب المادية.
2- الخوف من فقد السلطة.
3- عدم ثقة الشخص في معرفته والخوف من نقل المعرفة الخطأ وتحمل المسئولية.
4- عدم وجود حوافز لمشاركة المعرفة.
وأعتقد أن الجميع لاحظوا إنتشار التعليم الأونلاين في هذة الفترة، حيث أنها من أهم تطبيقات مشاركة المعرفة، وأيضًا توجه شركات ومنظمات كثيرة للمدونات التعليمية والتثقيفية والتي تنشر بها مقالات مختلفة في مجالات مختلفة إدراكًا منها بأهمية مشاركة المعرفة.
إن مشاركة خبراتنا وماتعلمناه في حياتنا مع الآخرين أمر رائع حقًا ، ويعبر عن حجم نمونا ونضوجنا النفسي والروحي ، كما يعد استثماراً حقيقيا فى حياة الأشخاص المحيطين بنا.
وأخيرًا هل ستشارك من حولك ما لديك من معرفة، أم ستظل تقلل من قيمة ما تملك، لو ظل الجميع يفكر بهذا النمط لإندثر العلم ولم يصلنا منه شيء، شارك معرفتك وكن سبب في نشر العلم.
تعليقات
إرسال تعليق